مياه الشرب الآمنة

ملخص

تعتبر حوالي 17٪ من الأسر المصرية محرومة من مياه الشرب الآمنة، وتقع أعلى نسبة من هؤلاء في صعيد مصر، حيث يتراوح الحرمان على مستوى المحافظات بين 19٪ إلى 46٪. حوالي 2,3 مليون أسرة (13,3٪ من السكان) تسكن بمسكن ليس له حنفية مياه بداخله،[1] ويعتمد هؤلاء على نقل المياه إلى المنزل. كما لا يعني تلقائيًّا أن وجود حنفية بالمسكن يوفر مياهًا كافية أو صالحة للشرب. فلم يصل المعدل القومي إلى الكفاية (من 152 لترًا/ فرد/ يوم) إلى 20٪ من المصريين،[2]  في حين فشلت أكثر من 25٪ من عينات المياه المأخوذة من الشبكة العامة في اختبارات الجودة في 5 من أصل 27 محافظة.[3]

كيف يشكل الحرمان من مياه الشرب الآمنة مشكلة؟

المشكلة الرئيسية في الحرمان هي تلوث المياه. تقدر منظمة اليونيسف أن مرض الإسهال الحاد الناجم عن عدم الوصول إلى مياه شرب آمنة وخدمات الصرف الصحي المحسَّنة فضلًا عن قلة النظافة، يؤدي كل عام إلى 4,500 حالة وفاة بين الأطفال دون سن الخامسة في مصر.[4] حدثت إحدى الحالات الأخيرة لتلوث المياه الشامل عندما تم علاج مئات من سكان قرية صنصفط في المنوفية من النزلات المعوية التي تسببت عن مياه الشرب غير المعالجة بشكل صحيح.[5]

وهناك مشكلة أخرى ترتبط بالحرمان من المياه الصالحة للشرب وهي الجهد البدني المطلوب لنقل المياه، وبخاصة للنساء والفتيات. “إن نقص المياه الصالحة للشرب داخل المنزل أو بالقرب منه يمكن أن يفرض في كثير من الأحيان رحلات طويلة لجمع المياه من نقاط المياه البعيدة على حساب التعليم، بالإضافة إلى ما يسببه ذلك من خطر التعرض للمضايقات والتهديدات الأخرى على طول الطريق”.[6]  في الواقع، تنفق 6٪ من النساء والفتيات في مصر ما يصل إلى خمس أو ست ساعات يوميًّا في جمع المياه.[7]

water-pie-chart-ar

المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. توزيع الاســر وافرادها طبقا لنوع مصـدر الميــاة 2006

يمكن أن يكون شراء المياه مكلفًا جدًّا إذا لم يكن لديك حنفية مياه داخل منزلك، أو إذا واجهت انخفاضًا حادًّا في كميات المياه أو وجدت أنها لا تصلح للشرب. فوفقًا لمنظمة اليونيسيف، يضطر 1,5 مليون مصري إلى شراء المياه من الصهاريج المتنقلة،[8] وهو ما يمثل عبئًا ماليًّا على الأسر وبخاصة الفقيرة حيث قد تصل تكلفة مياه الجراكن إلى 17 ضعف ما تكلفه مياه الشبكة العمومية (الجدول 1). في حين اضطرت الأسر إلى أن تلجأ إلى شراء المياه المعدنية اللازمة فقط للشرب والطبخ، فتكون تكلفتها 170 ضعفًا لمياه الشبكة العامة.

الجدول 1: مقارنة بين تكاليف المياه على أساس المصدر

للشخص لكل أسرة (4,2 شخص) الشبكة العامة لمياه الشرب* صهاريج متنقلة (جراكن)** مياه معدنية***
استهلاك نموذجي للمياه يوم شهر شهر جنيه/ لتر جنيه جنيه/ لتر جنيه جنيه/ لتر جنيه
لتر لتر لتر
جميع الاستخدامات 150 4,500 18,900 0.0007 13.2 0.175 3,308 1.4 25,893
الشرب والطبخ 10 300 1,260 0.0007 0.9 0.175 221 1.4 1,726
* أسعار مياه الشبكة العامة على أساس الشريحة الثانية لاستخدام المياه من 0,7 جنيه للمتر المكعب حسب أخبار اليوم. “الأسعار الجديدة لشراء مياه الشرب”  http://tinyurl.com/zc9un78
** أسعار المياه المباعة على أساس أن سعر اللتر الواحد (في جركن الـ20 لترًا) من بين 3-4 جنيه في 2016/07/14 حسب الشروق. “جركن المياه 4 جنيهات في المحافظات”.2016/07/14. http://www.shorouknews.com/news/view.aspx؟cdate=14072016&id=7f577c38-d1d1-4d95-b9f7-5d68ae1b0db3
*** أسعار المياه المعدنية تحسب للتر الواحد على أساس الجالون (18,9 لتر) بسعر الجملة في 2016/10/01. نستله بيور لايف http://menuegypt.com/Nestle

 من الذين لا يستطيعون الحصول على المياه الصالحة للشرب في مصر؟

وصل الحرمان من مياه الشرب الآمنة إلى أعلى مستوياته في أقاليم مصر الريفية، حيث تراوحت ما بين 19٪ إلى 46٪ في الصعيد وبين 0,5٪ و25٪ في الدلتا. هذا على النقيض من العاصمة، القاهرة، حيث كان مستوى الحرمان بين الأسر  2,8٪ فقط. وبشكل عام كانت أكثر المحافظات تضررًا هي المنيا (بنسبة حرمان 46٪).

وكانت نسبة الأسر التي تفتقر إلى حنفية داخل منازلها أعلى في صعيد مصر، حيث تراوحت نسبة الحرمان بين 8٪ في الأقصر إلى 40٪ في المنيا. على المستوى المحلي، جاء المركزان الأكثر حرمانًا في شمال سيناء (القسيمة والحسنة) حيث 97٪ و96٪ من الأسر لا تملك حنفية داخل منازلها. كانت هناك تناقضات محلية أيضًا، حيث كان مركز المنيا الذي يعيش فيه أكبر عدد من الأسر دون حنفية في مسكنها، نحو 81,556 أسرة تمثل 70,7% من السكان، في نطاق مدينة المنيا والتي ينخفض بها نسبة الحرمان إلى فقط  2,7%.

جاءت أعلى نسبة لندرة المياه أيضًا في صعيد مصر حيث انخفض نصيب الفرد من مياه الشرب للاستخدامات المنزلية في محافظتي الأقصر والمنيا إلى ما بين 26٪ و51٪ عن متوسط المعدل اليومي الرسمي للفرد الواحد البالغ 152 لترًا للفرد في اليوم الواحد.

water-bar-chart-ar

المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. توزيع الاســر وافرادها طبقا لنوع مصـدر الميــاة 2006

لماذا يُحرم الناس من الوصول إلى مياه صالحة للشرب؟

أدى نقص الموارد أو التوزيع غير العادل لها إلى اختلال التوازن في الاستثمارات في البنية التحتية للمياه الصالحة للشرب،[9]  مما أدى بدوره إلى وجود قرى لا تصل إليها الخدمة، أو لا تتناسب فيها كميات المياه مع النمو السكاني، أو تضمحل فيها الشبكات العامة.

شهدت مجموعات من القرى في محافظة المنيا في صعيد مصر نقصًا حادًّا في المياه في فصل الصيف بسبب أن محطات مياه الشرب لم تكن تنتج ما يكفي من المياه،[10]  وهذه حقيقة تنعكس في أن معدل استهلاك الفرد من المياه يبلغ 73 لترًا للفرد في اليوم الواحد فقط، أي أقل من نصف المعدل الوطني.

water-range-ar

المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. توزيع الاســر وافرادها طبقا لنوع مصـدر الميــاة 2006

 

ما يمكن عمله؟

  • تنفيذ برنامج لتوفير حنفيات المياه داخل كل الوحدات السكنية المحرومة منها.
  • توسيع البرنامج الحالي لبناء أو توسعة محطات وشبكات المياه في المناطق المحرومة مع إعطاء الأولوية للمناطق الأكثر حرمانًا.

المنهجية

التعريفات

الحصول على المياه الصالحة للشرب هو أحد ضرورات السكن الملائم لأن المسكن الملائم يجب أن يوفر أكثر من أربعة جدران وسقف.[11] الحق في السكن الملائم لا يعني فقط أن هيكل المنزل نفسه يجب أن يكون ملائمًا، بل هو يضمن أيضًا الوصول المستدام وغير التمييزي إلى المرافق الضرورية للصحة والأمن والراحة والتغذية. أحد أهم المرافق الضرورية للحياة هي الوصول إلى المياه الصالحة للشرب.[12]

عرفت اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الحق في المياه في التعليق العام 15/2002 بأنه “…  الحق في مواصلة الاستفادة من الإمدادات الموجودة للمياه اللازمة لإعمال الحق في الماء، والحق في عدم التعرض للتدخل، مثل الحق في عدم التعرض لوقف تسعفي لإمدادات المياه أو تلوثها، وبالمقابل، تتضمن الحقوق الحق في نظام للإمدادات بالمياه وإدارتها يتيح التكافؤ في الفرص أمام الناس للتمتع بالحق في الماء”.

أدوات القياس

اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة صراحة بحق الإنسان في المياه والصرف الصحي في عام 2010 في القرار 64/292 ، وحددت خمسة عناصر أساسية للحق في المياه:[13] 

  • كافية: إمدادات المياه لكل شخص يجب أن تكون كافية ومستمرة للاستخدامات الشخصية والمنزلية. وتتضمن هذه الاستخدامات عادة الشرب والصرف الصحي الشخصي، وغسيل الملابس، وإعداد الطعام، والنظافة الشخصية والمنزلية. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، هناك حاجة إلى ما بين 50 و100 لتر من المياه للفرد يوميًّا لضمان تلبية معظم الاحتياجات الأساسية والتقليل من المخاوف الصحية.
  • آمنة: المياه اللازمة لكل من الاستخدامات الشخصية أو المنزلية يجب أن تكون آمنة، وبالتالي خالية من الكائنات الدقيقة، والمواد الكيميائية والمخاطر الإشعاعية التي تشكل تهديدًا لصحة الإنسان. يتم تحديد تدابير سلامة مياه الشرب عادة وفقًا للمعايير القومية و/ أو المحلية لجودة مياه الشرب. المبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية الخاصة بنوعية مياه الشرب توفر أساسًا لوضع معايير قومية، والتي، إذا نفذت بشكل صحيح، تضمن أمان مياه الشرب.
  • مقبول: ينبغي أن يكون الماء ذا لون ورائحة وطعم مقبولين لكل من الاستخدامات الشخصية أو المنزلية.[…] جميع مرافق وخدمات المياه يجب أن تكون مناسبة وحساسة ثقافيًّا لاحتياجات الجنسين، ودورة الحياة، والخصوصية.
  • الوصول المادي: لكل فرد الحق في خدمات المياه والصرف الصحي التي يمكن الوصول إليها ماديًّا داخل أو في المنطقة المجاورة مباشرة للسكن، أو للمؤسسة التعليمية، أو لمكان العمل، أو للمؤسسة الصحية. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يجب أن لا يبعد مصدر المياه أكثر من 1000 متر من المنزل كما يجب أن لا تتجاوز مدة الحصول عليه 30 دقيقة.
  • في المتناول: الماء ومرافقه وخدماته يجب أن يكونوا في متناول الجميع. ويقترح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن تكاليف الماء لا ينبغي أن تتجاوز 3 في المئة من دخل الأسرة.

يقيس برنامج الموئل بالأمم المتحدة الوصول إلى المياه على المستوى القومي بمعادلة بسيطة: نسبة السكان الذين يمكنهم الوصول إلى مصدر مياه محسن[14]، حيث تتأهل الأنواع التالية من إمدادات المياه كمصادر محسنة: مياه الأنابيب، والصنابير العامة، والبئر المحمي، والمضخة المحمية، والينابيع المحمية، ومياه الأمطار. المياه التي يوفرها الباعة والمياه المعبأة في زجاجات أو في الشاحنات الناقلة ومياه الآبار والينابيع غير المحمية لا تعتبر مصادر مياه محسنة. 

منهجية حساب مؤشر الوصول إلى المياه الصالحة للشرب في مصر

بناء على تعريفات المنظمات التابعة للأمم المتحدة للوصول إلى مياه الشرب الآمنة، بالإضافة إلي البيانات المتاحة عن مياه الشرب في مصر، استخدمنا مؤشرًا مركبًا من مجموعتين من البيانات لقياس الحرمان من مياه الشرب الآمنة:

  • الاتصال: نسبة الأسر في كل محافظة التي لديها حنفية داخل المسكن. وقد استند هذا إلى أرقام تعداد عام 2006 التي يقدمها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.[15] استبعدنا جميع الأسر التي يمكنها الوصول إلى المياه من خلال الحنفيات المشتركة داخل المبنى، أو من حنفيات عامة خارج المبنى، وكذلك من خلال الآبار والمضخات والينابيع.
  • استهلاك الفرد من المياه: نسبة الحاصلين على المتوسط الرسمي للاستخدام اليومي للمياه (152 لترًا للفرد) في كل محافظة.[16] وذلك بناء على الإحصائيات الرسمية لاستهلاك مياه الشرب للأغراض المنزلية فقط التي تم جمعها وحساب متوسطها على مدى ثلاث سنوات متتالية لتحقيق التوازن بين أي نقص في البيانات.[17]

أخيرًا تم حساب متوسط نسب الحرمان بين المؤشرين الفرعيين الاثنين للوصول إلى مؤشر الحرمان من مياه الشرب الآمنة.

المراجع

[1]  الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. عام 2008 . التعداد العام للسكان وظروف السكن 2006. توزيع الاســر وافرادها طبقا لنوع مصـدر الميــاة

[2]  الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. التقرير الإحصائي السنوي عن مياه الشرب والصرف الصحي 2012/2011 إلى 2014/2013

[3]  الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء 2015. التقرير الإحصائي السنوي عن مياه الشرب والصرف الصحي 2014/2013

[4] Unicef Egypt. Water, Sanitation and Hygiene. n.d. http://www.unicef.org/egypt/immunisation_7135.html

[5]  " وزير الصحة: التحاليل أثبتت «تلوث» كل مصادر المياه بقرية «صنصفط»"، المصري اليوم، 26/8/2012 http://www.almasryalyoum.com/news/details/159427

[6]  مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان. الحق في السكن الملائم. جنيف، مايو 2014

[7]  ا Unicef Egypt. Water, Sanitation and Hygiene. n.d. http://www.unicef.org/egypt/immunisation_7135.html

[8]  “For first time in Egypt, UNICEF uses click-funding to seek higher donations for its campaign”, Daily News Egypt, 21.02.0216 http://www.dailynewsegypt.com/2016/02/21/for-first-time-in-egypt-unicef-uses-click-funding-to-seek-higher-donations-for-its-campaign/

[9]  شوكت، وخليل.  موازنة العمران 2016/15 | تحليل العدالة المكانية في مصر. 10 طوبة، القاهرة. يونيو 2016. http://www.10tooba.org/?p=395

[10]  "أزمة العطش، مظاهرات بالجراكن وقطع طرق في المحافظات"، الوطن، 2016/06/15. http://www.elwatannews.com/news/details/1226904

[11]  مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان. الحق في السكن الملائم. جنيف، مايو 2014.

[12]  مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان. الحق في السكن الملائم. جنيف، مايو 2014.

[13]  الأمم المتحدة. المياه من أجل الحياة، حق الإنسان في المياه.  http://www.un.org/arabic/waterforlifedecade/ استرجاع: 2016/09/01.

[14]  برنامج الأمم المتحدة للموئل. المياه والصرف الصحي. http://ar.unhabitat.org/urban-themes/water-and-sanitation-2/?noredirect=ar_AR

[15]  الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. عام 2008 . التعداد العام للسكان وظروف السكن 2006. توزيع الاســر وافرادها طبقا لنوع مصـدر الميــاة
[16]  الكود المصري للمياه والصرف الصحي يشترط أن يتم تصميم محطات مياه الشرب بشكل يوفر حصة منزلية صافية قدرها 125، 150 و 180 لترًا / فرد / يوم في القرى والمراكز وعواصم المحافظات والمدن الجديدة على التوالى. مركز بحوث البناء والإسكان. الكود المصري لمياه الشرب. القاهرة. 1998. ص26. [17]  الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. التقرير الإحصائي السنوي عن مياه الشرب والصرف الصحي 2011/2012 إلى 2013/2014.

Save

Save