المسكن الآمن

ملخص

تكشف الإحصاءات الرسمية أن حوالي 3,2٪ من الأسر تعيش في مبانٍ آيلة إلى السقوط أو في ما يسمى بالمناطق غير الآمنة المعرضة للانزلاقات الصخرية والسيول. في حين أن جزءًا كبيرًا من هذه المباني يمكن إصلاحه، كما يمكن التخفيف من الخطر الوشيك على المناطق غير الآمنة، إلا أنه يظل العمل في هذا الاتجاه بطيئًا أو منعدمًا بسبب الوضع المعقد الناجم عن فساد الأجهزة التنفيذية بالمحليات والحيازات غير الرسمية والتعقيدات الناجمة بين المالك والمستأجر بوحدات الإيجار القديم. وهذا يعني أن حوالي 200 شخص يفقدون حياتهم وأكثر من 800 عائلة تشرد نتيجة اانهيار أكثر من 390 مبنًى سكنيًّا كل عام.[1]

ما هي المشكلة في ضعف القدرة التحملية للسكن؟

لا يمكن قياس تأثير انهيار العقار وفقدان المأوى على الأسر التي تتعرض لمثل هذه الكارثة. فبالإضافة الى مأساة الموت أسفل الأنقاض، في ظل غياب آليات التعويض المناسبة، تتعرض الأسر التي تنجو من انهيارات العقارات إلى الإفقار بسبب الإصابات الخطرة أو اضطرابات ما بعد الصدمة لرب الأسرة،[2]  وهي ما يمكن أن تؤدي إلى الإعاقة التي تتطلب بدورها تكبد مصاريف باهظة للعلاج. كما يؤدي التهجير والانتقال إلى المأوى المؤقت أو إعادة التسكين إلى تدهور في الصحة النفسية والجسدية،[3]  وزيادة الإنفاق، والبطالة المؤقتة التي قد تطول وتصبح مزمنة.[4]

كما تتعرض الأسر التي تنجو من انهيار مسكنها إلى ضياع ممتلكاتها الخاصة أو استثماراتها الشخصية، ما يؤدي أيضًا إلى الإفقار. فأقل من 10% من المصريين لديهم حسابات مصرفية،  ومعظم مدخراتهم، إن وجدت، تكون مخزنة بالمسكن. هناك أيضًا الخصوصية الثقافية في جمع مقتنيات جهاز عرس الابنة “الجهاز” والذي يمثل أهمية كبرى لديهم.

في مواجهة الكوارث الطبيعية، يعتبر المسكن غير الآمن هو الأكثر عرضة للانهيار، كما رأينا في عام 1992، عندما قُتل 552 شخصًا وأصيب نحو 10 آلاف شخص بعد أن ضرب زلزال مَرْكز مصر لأقل من دقيقة واحدة.[5] في عام 1994، أدت موجة من السيول المدمرة إلى مقتل نحو 600 شخص، معظمهم في قرية دُرنكة بأسيوط، وتشريد أكثر من 110 آلاف أسرة في عدد من القرى في صعيد مصر.[6]

من الذين يواجهون مشاكل بسبب المسكن غير الآمن في مصر؟

بتحليل الإحصاءات الرسمية لقرارات الترميم والهدم بالإضافة إلى حصر المناطق غير الآمنة، نجد أن 3,2٪ من الأسر في مصر يعيشون في مساكن غير آمنة. يبدو أن السكن غير الآمن أعلى في المحافظات الحضرية. ففي بورسعيد، تهدد هذه المساكن 11,7٪ من الأسر، وهي أعلى نسبة بين المحافظات، في حين تسكن 8,4٪ و 8,3٪ من أسر القاهرة والإسكندرية على التوالي في مساكن غير آمنة. كانت المنيا أقل المحافظات التي يوجد فيها أسر تعيش في مساكن غير آمنة، حيث يسكنها 0.2٪ فقط من الأسر هناك.

لكن هذه البيانات محدودة لأنها لا تكشف حجم كوارث الانهيار الحقيقية. في سنة واحدة، وفي غياب الكوارث الطبيعية (من يوليو 2012 إلى يونيو 2013)، قُتل 192 شخصًا وشُردت 824 أسرة بسبب 392 حادثة انهيار مبانٍ.[7]  وعلى النقيض من بيانات المساكن غير الآمنة، جاء ما يقرب من 30% من العائلات المشردة في الإسكندرية، و11٪ من القاهرة و5% من المنيا، أما في بورسعيد فكانت الأسر المشردة نتيجة حوداث الانهيار أقل من 1%.

لماذا يعيش الناس في مساكن غير آمنة؟

حسب دراسة رصدت ظاهرة الانهيارات لمدة عام كامل، تصنف الحوادث إلى فئتين رئيسيتين، بالإضافة إلى ثماني فئات فرعية.[8]

الفئة الأكبر من حيث عدد الحوادث كان سببها قصور الرقابة والتى تسببت في 54٪ من الحوادث. فيؤدى قصور الرقابة إلى أربعة أسباب للانهيار: تهالك المبنى (في المباني القديمة التي لم تتم صيانتها أو ترميمها بشكل صحيح)، والأعمال المخالفة داخل المبنى (ومعظمها تعديلات هيكلية قام بها السكان دون إشراف مناسب)، وأعمال مخالفة خارج المبنى (أعمال البناء في المواقع المجاورة)، والبناء المخالف إنشائيًّا (حيث المباني لم تُبنَ بناءً على المعايير الهندسية). كل ذلك على الرغم من الإطار التشريعي الذي يحكم جميع الإجراءات التي قد تحدث في أو بالقرب من مبنى، مثل الحفر والبناء والهدم، أو بعد الانتهاء من البناء، مثل الإدارة والصيانة والأنشطة المسموح بها.

أما السبب الثاني وراء انهيار المباني فكان قصور أو غياب التخطيط، حيث كانت أجهزة الدولة المعنية بالتخطيط والتنمية المحلية عاجزة عن التخفيف من آثار العوامل الخارجية التي أدت في نهاية المطاف إلى حوادث انهيار المباني. وتشمل هذه العوامل ارتفاع المياه الجوفية، في الغالب بسبب نقص خدمات الصرف الصحي المحسَّنة (ما زعزع الاستقرار في البيوت الطينية في المناطق الريفية) والحرائق والانفجارات (معظمها ناتجة عن سوء استخدام أسطوانات الغاز المنزلية)، والكوارث الطبيعة (السيول والعواصف والزلازل)، وانهيار المرافق (انفجار مواسير المياه والصرف الصحي وانهيار الجسور وأبراج الكهرباء).

في نهاية المطاف، يعتبر السكن غير الآمن أقل تكلفة من السكن الآمن، ويتسبب انتشار ضعف القدرة على تحمل التكاليف في جعله الخيار الوحيد بالنسبة إلى الكثيرين.

ما يمكن فعله؟

  • يمكن إصلاح أو إعادة بناء جميع المساكن الصادرة لها قرارات هدم أو ترميم من خلال برنامج قومي يصرف القروض الميسرة والمنح.
  • كما يمكن رفع كفاءة رقابة الأجهزة المحلية من خلال وضع آلية شفافة للمساءلة من خلال جعل المناصب التنفيذية بالانتخاب.

المنهجية

التعريفات

ينص دستور 2014 المصري في المادة 78 منه على أن تكفل الدولة للمواطنين الحق في المسكن الملائم والآمن والصحي، بما يحفظ الكرامة الإنسانية ويحقق العدالة الاجتماعية“. تنص المادة 59 على أن الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها، ولكل مقيم على أراضيها.

يعرِّف العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الحق في السكن الملائم (في المادة 11) على أنه سكن جيد وآمن (التعليق العام 4/1991).

يشترط موئل الأمم المتحدة في السكن الآمن أن يكون مبنيًّا على موقع غير خطر وأن يتمتع بأساسات دائمة وكافية لحماية سكانه من أقصى الظروف المناخية، مثل الأمطار والحرارة والبرودة والرطوبة.[9]

أدوات القياس

وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للموئل، يمكن قياس مؤشر المسكن الآمن عن طريق حساب نسبة الأسر التي تعيش في وحدة سكنية تعتبر آمنة“.[10]

منهجية قياس المسكن الآمن في مصر

تم استخدام الإحصاءات الرسمية لقرارات الترميم والهدم وحصر المناطق غير الآمنة لتقدير عدد الأسر التي تعيش في مساكن غير آمنة.

تم توفير حصر تتوفر فيه قرارات الترميم والهدم من خلال جهاز التفتيش الفني على المباني التابع لوزارة الإسكان، والذي حصر هذه القرارات على مستوى الـ27 محافظة بين عامي 2009 و2012. بينما تم جمع بعض البيانات المحدثة من وسائل الإعلام التي نشرت تقارير للأجهزة المحلية (الإسكندرية والقاهرة). ومع ذلك، لا يزال هناك بخس كبير في التقدير كما لا يزال هناك نقص في المعلومات الخاصة بعدد من المحافظات، ما يؤدي إلى ملء خانتهم بـ”غير متوفرة”، وليس بالصفر.[11]  في النهاية، تم استنتاج عدد الوحدات من خلال تحويل عدد العقارت باستخدام نسبة الوحدات إلى المباني مأخوذة من الإحصاءات الرسمية للعقارات في مصر على مستوى كل محافظة.[12]

كما تم توفير عدد الوحدات السكنية بالمناطق غير الآمنة من خلال الخريطة القومية للمناطق غير الآمنة التي أصدرها صندوق تطوير المناطق العشوائية في عام 2011، وتضمنت الوحدات الخطرة في المستوى الأول والثاني (خطر داهم، ومسكن غير آمن على التوالي).

تم إضافة مجمل عدد الوحدات من كلتا قاعدتي البيانات حيث تم افتراض أن كل وحدة هي موطن لأسرة واحدة، حيث أن غياب البيانات المتعمقة يجعل من المستحيل حذف الوحدات التي من الممكن أن تكون شاغرة أو مهجورة، أو إضافة عدد إلى الأسر في حال وجود أكثر من أسرة بالوحدة. ثم تم قياس عدد هذه الأسر كنسبة مئوية من إجمالي الأسر في كل محافظة في عام 2012.[13]

المراجع

[1]  المبادرة المصرية للحقوق الشخصية 2014. لماذا تنهار العقارت في مصر؟]موقع تفاعلي[  https://egyptbuildingcollapses.org/

[2]  وقد أظهرت بعض الدراسات أن 25٪ من الناجين من الزلزال يواجهون اضطرابات ما بعد الصدمة. انظر على سبيل المثال: داي وآخرون 2016.اضطراب ما بعد الصدمة بين الناجين بعد الزلازل: مراجعة منهجية وتحليل ميتا. http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/27267874

[3]  كريدلاند 2004. مريض ومنهك، تأثير المساكن غير الآمنة في صحة الأسر المشردة. منظمة شلتر. http://england.shelter.org.uk/professional_resources/policy_and_research/policy_library/policy_library_folder/sick_and_tired_-_the_impact_of_temporary_accommodation_on_the_health_of_homeless_families استرجاع 2016/09/04.

[4]  تضامن 2015. التكلفة الخفية للتهجير: الانتقال من عزبة خير الله إلى مساكن عثمان. تضامن 2015/12/31 http://www.tadamun.info/2015/12/31/hidden-cost-displacement-move-izbit-khayrallah-masakin-uthman/؟lang=en#.V8wH3jWm2Pc استرجاع 2016/09/04

[5] Reliefweb. Egypt – Earthquake DHA-UNDRO Situation Report No. 8 23 October 1992 http://reliefweb.int/report/egypt/egypt-earthquake-oct-1992-un-dha-situation-reports-1-9 Accessed 21.09.2016

[6] Reliefweb. Egypt – Floods DHA – Geneva Situation Report No. 4 22 November 1994 http://reliefweb.int/report/egypt/egypt-floods-nov-1994-un-dha-situation-reports-1-4  Accessed 21.09.2016

[7] المبادرة المصرية للحقوق الشخصية 2014. لماذا تنهار العقارت في مصر؟]موقع تفاعلي[  https://egyptbuildingcollapses.org/

[8]  المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (إصدار مستقبلي).ظاهرة انهيار العقارات في مصر، حقائق ومسؤوليات.

[9]  الأمم المتحدة. مؤشرات وأهداف تنمية الألفية . http://mdgs.un.org/unsd/mdg/Metadata.aspx؟IndicatorId=0&SeriesId=711

[10]  برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية. 20 أغسطس 2013. المبادئ التوجيهية للمؤشرات الحضرية ، متابعة جدول أعمال الموئل والأهداف الإنمائية للألفية. نيروبي.

[11]  ووفقا لبيان صادر عن رئيس سابق لجهاز التفتيش الفني على المباني، تم حصر 285,000 عقار آيل إلى السقوط أو يحتاج إلي ترميم، فيما بلغ مجموع ما في قاعدة البيانات 56 ألف عقار. انظر “التفتيش على البناء: 60 ألف عقار آيل إلى السقوط والقاهرة تحتل المرتبة الأولى”، مصراوي، 2014/08/03. http://goo.gl/NcSNcd

[12]  الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. النشرة السنوية للمرافق والإسكان. 2007-2014.

[13]  تم استخدام بيانات التعداد لعام 2006 لتقدير عدد الأسر، مستخدمة تقديرات السكان لـ1/7/2012.الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. كتاب الإحصاء السنوي – 2012 – السكان. الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، القاهرة 2012، و الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء 2008. 2006 تعداد السكان والظروف والمعيشة، النتائج النهائية.